Alef Logo
الفاتحة
              

هل بدأت نبوءة جورج أوريل تتحقق في روايته 1984

سحبان السواح

2011-05-13

فيما يلي سأقدم تلخيصا لرواية جورج أورويل 1984 دون تعليق ولكل من القراء الحق في استنتاج ما يراه منها، صحيح أنه بكر في توقع ما سيؤول إليه العالم بعد ما يقارب الأربعين عاما، ولكن بوادر تلك الأفكار بدأت تظهر هنا وهناك في العالم، دون استثناء. والقصد من إعادتها للأذهان هو الحض على التفكير في مستقبلنا.. وما سنصل إليه عاجلا أم آجلا.
الرواية عبارة عن تصور وتحذير لمستقبل من الوارد جداً حدوثه، وتاريخ نشر الرواية هو في غاية الأهمية؛ فعنوان الرواية بالنسبة لتاريخ نشرها يلمّح بأن السيناريو المستقبلي المخيف المذكور فيها قد لا يكون بعيداً، بل إن العديد من المفكرين يظنون أنه قد تحقق جزء كبير منه، والعقبة التي تحول دون تحققه كلياً هي مجرد عقبة تكنولوجية؛ وبشيء من التطور العلمي والتكنولوجي قد يصبح عالمنا – إن لم يكن كذلك الآن – مثل عالم “1984″.
تبدأ الرواية بالطبع في عام 1984 حيث العالم منقسم لثلاث دول: الدولة الأولى هي “أوشيانيا” (تمت ترجمتها لـ “أوقيانيا”)، وهي عبارة عن الأمريكيتين واستراليا والجزر البريطانية. والدولة الثانية هي “أوراسيا”، وأراضيها هي روسيا والباقي من أوروبا. والدولة الثالثة هي “إيستاسيا” وتتكون من الصين واليابان وكوريا وشمال الهند. أما بالنسبة للشرق الأوسط، وجنوب الهند، وأفريقيا، فهي عبارة عن ساحات حرب ومناطق متنازع عليها من قبل هذه الدول الثلاث.

أحداث الرواية تدور في دولة أوشيانيا حيث الأيدلوجية هناك هي الاشتراكية الإنجليزية أو ما يسميه الحزب الداخلي بـ (الإنجسوك)، وحيث المجتمع هناك مقسم لثلاث طبقات: طبقة “الحزب الداخلي” ونسبتها اثنان بالمئة من السكان، وطبقة “الحزب الخارجي” ونسبتها ثلاثة عشرة بالمئة منهم، وأخيراً توجد طبقة “العامة”، وفوق هذه الطبقات كلها يوجد الحاكم المسيطر المستبد “الأخ الأكبر”؛ هذه الشخصية التي أصبحت من أكثر الشخصيات الروائية شهرة، بل إنها أصبحت رمزاً لأي عملية استبداد أو تجسس أو قمع. وبالمناسبة، سبب تسمية البرنامج التلفزيوني الشهير “الأخ الأكبر” بهذا الاسم هو عملية المراقبة الدائمة على المشاركين فيه.
فأفكار الأخ الأكبر في هذه الرواية تختلف تماماً عن الأفكار الاستبدادية التقليدية، فهو يتعامل مع الشعارات والهتافات والتسميات بطريقة مختلفة، ويتعامل مع الثوار والمنشقين بطريقة مختلفة، ويتعامل مع طبقات المجتمع والحروب والثروات والتقنية بطريقة مختلفة، بل أنه يفهم فكرة “السلطة” وغايتها وتطبيقها بشكل مختلف، يتعامل الأخ الأكبر مع هذه الأفكار ويفهمها بطريقة جديدة متطورة تضمن له أن يكون نظامه السياسي غير قابل للهزيمة؛ ويبدو لي أننا بقليل من التعديلات نستطيع تحويل الرواية لكتاب من نوع (الطغيان للمبتدئين).
في أوشيانيا يستبد الحزب الداخلي بقيادة الأخ الأكبر استبداداً مذهلاً وجباراً على باقي الطبقات؛ فهو يزرع شاشات الرصد في كل مكان؛ وهذه الشاشات مهمتها مراقبة الشعب ونشر الأخبار الملفقة وإصدار الأوامر للأفراد، ويزرع الحزب الميكروفونات في كل مكان لرصد كل همسة من الشعب، بل ويتجاوز الحزب ذلك ويعمد لتحطيم العلاقات الأسرية لإفناء كل ولاء ليس موجه له، ويعمد أيضا لإذلال العملية الجنسية بجعلها مجرد وسيلة لخدمته وبتجريدها من أي رغبة أو وله أو عاطفة كؤاد لأي احتمال لنشوء ولاء لغير الأخ الأكبر. ثم يتفوق الحزب في استبداده على نفسه ليصل لمرحلة الاستبداد العقلي فيسيطر على اللغة، ويدمر، ويعيد تركيب كلماتها، بل ويصنع لغة جديدة، ويمنع الاتصال بالحضارات الأخرى، ويحرّف التاريخ، ويلفّق الماضي، ويقلب الحقائق، حتى تتوه العقول فلا تجد إلا الحزب كحقيقة ثابتة تستطيع أن تؤمن بها.
في المشهد الافتتاحي للرواية نرى المواطن “ونستون سميث”، والذي يعمل في وزارة الحقيقة (وزارة الإعلام) والتي، بشكل ساخر، مناطه بتزييف الحقائق، نرى هذا المواطن وهو يدخل غرفته وقد أصابه الإحباط من دكتاتورية الحزب، ومن أسلوب الحياة الذي يفرضه. يفتح حينها دفتر كان قد اشتراه بشكل غير شرعي ليبدأ في تدوين أفكاره؛ وهو مدرك أنه ابتداء من هذه اللحظة قد صار في عداد الموتى، فمجرد عملية التفكير يعتبرها الحزب جريمة تستحق الموت ويسميها “جريمة الفكر”، يكتب ونستون في دفتره أنه يكره الأخ الأكبر، ثم يبدأ التفكير بـ “أوبراين”، وهو أحد أعضاء الحزب الداخلي الذي شعر ونستون أن ولاءه للحزب ليس تاماً، فقد شك ونستون أن أوبراين ينتمي لأخوية شديدة السرية والغموض تعمل ضد الحزب، ثم يفكر بعد ذلك في “غولدشتاين” عدو الحزب الأول، والذي كان أحد أهم أعضائة ولكنه تأمر عليه وحكم عليه بالموت ولكنه استطاع الهرب وأصبح يشكل قلقاً كبيراً للحزب.
انتهى ونستون؛ هذه الأفكار المجردة تعني مؤت زؤام مؤكد، لذا لم يعد لديه شيء يخسره، فالمرء في كل الحالات لن يُقتل إلا مرة واحدة ..
ومن هنا تبدأ الرواية؛ ويبدأ استعراض القمع والتسلط والطغيان والدكتاتورية والاستبداد، ويبدأ استعراض الريبة والقلق والاضطراب والجزع، الحزب في كل مكان، الحزب في كل فرد، أو كما يقول ونستون: لم يعد هناك مكان آمن سوى سنتيمترات معدودة في الجمجمة.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

عن أسماء الأعاضاء التناسلية

17-نيسان-2021

عن اسماء الأعضاء التناسلية

03-نيسان-2021

بدكن حريييييييييييييييييييييييييي

27-آذار-2021

لو أمدَّ اللهُ في عمرِ محمَّدٍ،

27-شباط-2021

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow