باتت الفواتير " القومية" التي سددها السوري في العراق ولبنان، وفلسطين والعراق، ولن ننسى بالطبع الجزائر، وإريتريا وحتى عربستان، كابوساً ثقيلاً يقض مضجعه ويجعله في وضع مادي واقتصادي مزرٍ، ولا يحسد عليه البتة، من بين جميع الدول العربية التي التفتت إلى همّها وشأنها الداخلي، وسدّت كلياً على النوافذ القومية التي كان يأتي منها الشر المستطير والويل الكبير، لا بل ذهبت بعض الدول أكثر من ذلك،
طالما أن الصوت بدأ يصدر، ومن مصر هذه المرة، وبشكل قوي ومن قمة الهرم السلطوي ضد جماعات الإسلام السياسي، ومن الرئيس المصري حسني مبارك نفسه، وبشكل مباشر وبعيد عن اللغة الدبلوماسية المعتادة، فهذا يعني أن ثمة شيء غير اعتيادي يحدث، أو ربما قد حدث. ولم تصل الأمور إلى هذا الحد من الصدام والتصعيد قبل أن تمر بعدة مراحل وتطورات وتشهد بعض الإثارة. ولهذا مدلولاته السابقة الكثيرة والمتعددة والتي لن ندخل في سردها في هذه المقالة، إلا أن أبرزها، والذي كان قاصمة الظهر هو الاستعراض العسكري الميليشياوي الاستفزازي الذي قامت به مجموعات طلابية في قلب الأزهر.
لا أدري كيف يتسنى لأي وزير أن يترك وزارته لمدة تزيد عن أسبوعين، وفي وقت عصيب، قاصداً الديار المقدسة لأداء مناسك الحج، إلاّ إذا كان متيقناً، وربما مؤمناً، بأنه يمكن لوزارته أن تستمر بدونه حتى لشهور وسنين، وبالتالي فإن وجوده وعدمه سيان، ولا يقدم ولا يؤخر شيئاً. أو ربما لأنه يدرك بأنه قد "رفع العشرة"، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً أمام سيل المشاكل والأزمات التي تعترض سبيله، وسيان عنده إن كان على رأس عمله، أو على رأس أية قوائم للسفر خارج البلاد وأن المشاكل تلك لا حيلة له بها وكانت قبله، وستبقى معه، وتستمر بعده،
لم يكن إعدام صدام حسين مجرد تطبيق للقانون ولا إحقاقاً للعدالة التي كان أهل العراق أول من شرعها للإنسانية منذ أيام الملك حمورابي عندما قام بسن شرعتة المشهورة " العين بالعين والسن بالسن " فربما لا تكفي عيون وأسنان الرئيس الراحل وأعوانه جميعاً لتشفي غليل خصومه العراقيين وغيرهم من العرب وغير العرب.
لا للتشفي. لا للحقد. لا للثارات. فالأحقاد الكامنة، والنفوس المحتقنة لا تعني سوى مزيد من القتل، والموت، والدماء. كم كان سيكبر العراق الجديد لو تسامح مع صدام حسين، وطوى صفحته بشكل حضاري وإنساني، وعومل كمريض، وليس كإنسان طبيعي، وغنيمة حرب وسجين سياسي؟ هذا الموت الرهيب، وبهذا الشكل الدامي يأتي في السياق العربي التاريخي المعهود، ولا يضيف أية نكهة جديدة على ما هو موجود.
هناك من يذكرني ويتأهب للتحليق في دلالات نزفيلبريدي رائحة البحر و موجة من زوفي و زيزفون تصاعد في سمائي رغم دخان الدمع، حمامتان من تحت نقاب باريس، وقطعان نشيد، وطوابع بريد صادره من اللون تهبط كتسبيح الملائك في صبار حنيني. رسالة، مظروف يتوشح بالأزرق و الأحمر، و حروف من فجر أيقظه ايلوار، و سلة فطر جنتها جان دارك من ساعد الطرقات المعشوشبة، إنه صديقكم ولا احد يعرفني غيره في عتمة المانش، إنها ريشة جان اييف بيزيان الذي لا يتوقف عن الركض في براري إنسانيته و يتوغل عميقا في الدهشة وتحرر الريشة.ايه صديقي عن ماذا ستحدثني؟ عن مفاتيح بيتنا القديم في نزف الناصرة، أم عن تجمر في الزيت من شوق ودمع وانتظار.
أعلنت سوريا، والعراق إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد انقطاع دام زهاء عقدين من الزمن، حيث تميزت العلاقات بين البلدين الجارين، وعلى مدى خمسة عقود منذ تسلم حزب البعث زمام السلطة في الثامن من شباط في بغداد، وفي الثامن من آذار في دمشق عام /1963/ بارتباطها بالعلاقات بين أجنحة هذا الحزب الذي أسسه عام /1947/ في دمشق كل من ميشيل عفلق، وصلاح الدين البيطار.
سؤال وجواب السؤال: لماذا يؤيد الرئيس الأميركي جورج بوش حكومة فؤاد السنيورة هذا التأييد الحماسي? الجواب: الأسباب كثيرة, أحدها هو أن من الصعب على جورج بوش أن يحفظ اسماً آخر في مدة رئاسته الثانية, والاسم الذي يحفظه لا ينطق به إلا بعد ارتكاب أخطاء مهينة, فاسم رئيس الوزراء اللبناني صاحب الدموع الذائعة الصيت المتفوقة على الصواريخ حوّله جورج بوش في مؤتمره الصحفي في أستونيا من السنيورة إلى السنورة, فسبحان خالق الصقر والذبابة والفيل والفأر.
تبدو إسرائيل، وبالرغم من الموقف المبدئي والثابت في إدانة الإجرام، والعدوان، وقوى الاحتلال، يوماً بعد آخر، كضرورة عربية، وعنصر تهدئة، وعاملاً هاماً، من عوامل الوحدة وتوحد العرب المنشود، أكثر من أي شيء آخر. وفي ظل هذا التردي الهائل في العلاقات العربية العربية، فإنّ أفضل العلاقات القائمة في المنطقة، والتي تـُحترم فعلاً، ويحافظ عليها الجميع هي بين إسرائيل والدول العربية، سواء تلك المعلنة منها، أم التي تجري في الخفاء بين عشاق متيمين، لا يخون، ولا يخدع أحدهم الآخر، بل لديهم شبق فطري .
أني أغرق هاجر أحد الرجال وأسرته إلى بلد أجنبي, وعاش فيه زهاء ثلاثين سنة, وفي أحد الأيام كان الرجل المهاجر الذي صار عجوزاً يصغي وابنه الشاب إلى صوت المغني المنبعث من المذياع يردد :( إني أتنفس تحت الماء.. إني أغرق .. أغرق..). فسأل الأب ابنه بصوت معلم يمتحن تلاميذه الكسالى :( من المغني? ). فأجاب الابن فوراً بلغته العربية الركيكة:( عبد الهليم هدام ).